بحث هذه المدونة الإلكترونية

28‏/03‏/2011

حكومات عربيّة تستعين بمنتجات أميركيّة لحجب المواقع الالكترونيّة


تطور شركات أميركية متخصصة برامج تمكن أنظمة الحكم في العالم العربي من التحكم بتصفح مواطنيها للإنترنت، عبر استخدامها في حجب المواقع الإلكترونية غير المرغوب فيها. وقد ازدهرت تجارة هذه المنتجات خصوصاً بعد النجاح الذي حققته مواقع الإنترنت في ثورات العالم العربي. 


في الوقت الذي تحاول فيه أنظمة الحكم في منطقة الشرق الأوسط أن تُضيِّق الخناق على المعارضة عبر فرض رقابة على الإنترنت، تواجه الولايات المتحدة واقعاً غير مريح، يتمثل في قيام الشركات الأميركية بتقديم كثير من التكنولوجيا التي تُستَخدَم في حجب المواقع الإلكترونية، طبقاً لما ذكرته اليوم صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.

واستناداً إلى معلومات لصحيفة وول ستريت جورنال في هذا السياق عبر مقابلات أجرتها مع مشترين وأحد تجار البيع بالتجزئة الإقليميين، فإن شركة مكافي المتخصصة في مجال أمن المعلومات قد وفرت برامج تعنى بترشيح المحتوى، وتُستَخدَم من قِبل مقدمي خدمات الإنترنت في البحرين والسعودية والكويت.

وعلمت الصحيفة أيضاً أن شركة بلو كوت سيستمز Blue Coat Systems، الشركة الرائدة في توفير حلول تأمين الويب وتهيئة شبكات البيانات، ومقرها كاليفورنيا، قد قامت ببيع أجهزة وتكنولوجيا في البحرين والإمارات وقطر، وهي التي تم استخدامها بالإشتراك مع برامج شركة مكافي لترشيح الويب وفي بعض الأحيان لحجب مواقع إلكترونية من تلقاء نفسها، طبقاً لمقابلات نجحت الصحيفة في إجرائها مع أناس يعملون بالشركة أو مع مقدمي خدمات الإنترنت في المنطقة.

وقالت إحدى الجهات المعنية بتنظيم الخدمات في البحرين، وتستخدم منتج سمارت فلتر من شركة مكافي، إن الحكومة تخطط للإنتقال عما قريب إلى التكنولوجيا التي تقدمها شركة بالو ألتو نيتوركس ومقرها الولايات المتحدة. وهي الشركة التي وعدت بأن تمنح البحرين مزيداً من خيارات الحجب وأن تجعل من الصعب على الناس أن يتحايلوا على الرقابة التي يتم فرضها على الشبكة العنكبوتية.

كما أبرمت شركة نتسويبر الكندية صفقات مع الإمارات وقطر واليمن، وفقاً لما ورد في وثيقة تخص الشركة. وبينما أوضحت شركة ويبسينس التي يوجد مقرها في سان دييغو بولاية كاليفورنيا أن لديها سياسة تقول إنها لا تبيع منتجاتها للحكومات أو لمقدمي خدمات الإنترنت التي تساعد الحكومات على فرض رقابة على الإنترنت، وأشارت الصحيفة إلى أنها قامت ببيع تقنيتها الخاصة بترشيح الويب في اليمن، حيث كانت تستخدم في حجب وسائل على الإنترنت تسمح للأشخاص بأن يخفوا هويتهم عن المراقبين الحكوميين، وفقاً لما ذكره باحثون من جامعتي هارفارد وتورنتو.  

وتابعت الصحيفة بالقول إن تكنولوجيا ترشيح الويب تعود إلى تسعينات القرن الماضي، عندما سعت شركات ومدارس ومكتبات أميركية إلى منع الناس من تصفح المحتوى الإباحي، من بين أمور أخرى. وتعتبر تلك التكنولوجيا اليوم من بين الأدوات التي تُستَخدم في فرض قيود صارمة على الانتفاضات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، حيث سبق وأن تم اعتقال وضرب مدونين في كل من مصر وسوريا وتونس ودول أخرى، في وقت تحاول فيه الحكومات أن تقمع التعبير على الإنترنت. 

من جانبه، قال نبيل رجب رئيس مركز حقوق الإنسان المحظور في البحرين، الذي يدير موقعاً إلكترونياً تحجبه السلطات الحكومية، إنه ألقي لفترة وجيزة في سيارة وعومل بخشونة بعد أن داهمت السلطات منزله الأسبوع الماضي. وأشار إلى أنه تعرض للصفع على الوجه بعد أن رفض القول إنه يحب ملك البحرين وكذلك رئيس الوزراء.

ثم مضت وول ستريت جورنال تقول إن الدور الذي تلعبه الشركات الغربية في فرض رقابة على الإنترنت يشكل معضلة بالنسبة للولايات المتحدة. وذكَّرت في هذا الصدد بالخطاب الذي أكدت من خلاله العام الماضي وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، على ضرورة عدم تقبل أي شركة من أي مكان في العالم لمسألة الرقابة. 

وأنفقت الخارجية الأميركية مؤخراً أكثر من 20 مليون دولار، بغية تمويل برمجيات وتقنيات من شأنها أن تساعد الأشخاص في الشرق الأوسط للتحايل على الرقابة التي يتم فرضها على شبكة الإنترنت وتعززها التقنيات التي توفرها شركات غربية.
من ناحيته، دافع أحمد الدوسري مدير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في هيئة تنظيم الاتصالات بالبحرين عن مسألة الرقابة، وقال "تتميز الثقافة الموجودة هنا في منطقة الشرق الأوسط بكونها أكثر محافظة عن الثقافة الموجودة في أميركا". كما أكد على أن حرية التعبير مضمونة في البحرين، طالما ظلت في حدود الكياسة العامة. 

في المقابل، قالت الشركات التي تقوم بتطوير تقنيات ترشيح الويب إنها لا تستطيع السيطرة على الطريقة التي يستخدم العملاء من خلالها منتجاتهم. ولفتت الصحيفة كذلك إلى عدم وجود أي قيود خاصة بشأن تصدير تقنيات ترشيح الويب. وقال أشخاص معنيون بمكافحة الرقابة إن هناك حاجة لتدشين وسيلة للشركات كي تتمكن من خلالها من معرفة الطريقة التي يتم بواسطتها استخدام تقنياتهم الخاصة بالترشيح. 

ورغم إحجام شركات حجب المواقع عن ذِكر أسماء عملائها بمنطقة الشرق الأوسط، إلا أن الصحيفة نجحت في تحديد عدداً منها من خلال المقابلات التي أجرتها مع مقدمي خدمات الإنترنت، وأحد تجار البيع بالتجزئة، وكذلك موظفين سابقين. كما تمكنت مبادرة أوبن نت، التي تتألف من باحثين من جامعتي هارفارد وتورنتو ويقومون بدراسة تقنيات ترشيح الإنترنت، من تحديد ثلاث شركات تقوم بتقديم خدمات الإنترنت في اليمن وقطر والإمارات، كانت تستعين بشركة نتسويبر خلال شهر يناير. فيما أوضح أحد مسؤولي هذه الشركة أنهم لا يدلون بتعليقات بشأن عملائهم.

وبحسب تقرير يُرتَقب صدوره عن القائمين على مبادرة أوبن نت، فإن شركات تقدم خدمات الإنترنت في تسعة دول على الأقل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قد استخدمت وسائل غربية الصنع بغية إغلاق محتوى اجتماعي وسياسي، وقاموا في واقع الأمر بمنع وصول أكثر من 20 مليون مستخدم إلى مثل هذه المواقع. 

وقال مشاري آل فارس مدير ضمان الجودة في شركة كواليتي نت في الكويت، إن شركته التي تعني بتقديم خدمات الإنترنت (تستخدم تقنية سمارت فلتر) تتلقى سنوياً العديد من الطلبات من جانب الحكومة لحجب المحتوى الذي يعتبر مسيئاً من الناحية الدينية. 

وأشارت الصحيفة في ختام حديثها إلى أن الشركات الأميركية سعت بقوة خلال السنوات الأخيرة إلى إبرام صفقات مع عملاء جدد بالخارج. وأوضحت أن الصين تعتبر الدولة الأكثر شهرة على مستوى العالم فيما يتعلق بسياستها الخاصة لمراقبة وترشيح الإنترنت. وأن حجب المواقع من الممكن أن يتم عبر أجهزة، أو برامج متخصصة، أو الاثنين معاً.
وبخصوص عمليات الرقابة والتضييق التي بدأت تنتهجها السلطات البحرينية مؤخراً على بعض المواقع، عاود الدوسري ليقول إن بلاده تخطط للانتقال خلال الأشهر القليلة المقبلة من تقنية سمارت فلتر إلى تقنية تتيحها شركة بالو ألتو نيتوركس. وهي التقنية التي يمكنها أن تحجب أنشطة بداخل مواقع إلكترونية، مثل تحميل مقاطع الفيديو أو الصور، أو أدوات الانترنت التي تسمح للمستخدمين بتجنب الحجب تماماً، وهي الأدوات التي يُحظَر استخدامها في البحرين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق